اضاءات نفسية للعملية الإرشادية الأسرية والزواجية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إعداد

 

د/ محمد سالم السهيمي القرني

أستاذ علم النفس العلاجي المُساعد

رئيس قسم علم النفس-  كلية التربية- جدة

 

 

 

 

 

 

 

مقدمـــة:        

         تنشأ الأسرة في المجتمعات الإسلامية بالزواج الذي شرعه الله تعالى آخذين في الاعتبار أن الزوج والزوجة هما مصدر السعادة المتبادلة داخل نطاق الأسرة، فالزوج هو مصدر سعادة زوجته والزوجة هي مصدر سعادة زوجها، وهما معاً مصدر سعادة أبنائهما، والشفقة عليهم والرحمة لهم، بما حباهما الله تعالى من دوافع الأمومة والأبوة، تلك الدوافع التي تدفعهما إلى الرعاية والعناية بأبنائهما، وفي ذلك يقول الله تعالى ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)  الكهف الآية 64  وقوله تعالى ( زُين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المُقنطرة من الذهب والفضة) آل عمران الآية 14 كما جعل الله تعالى سعادة الأبناء وهم راشدون في بر الوالدين، خاصةً عندما يبلغان الكبر، ومن هنا ربط الله سبحانه وتعالى رضاه عن الأبناء برضا الوالدين عنهم، وأمر الله تعالى الأبناء بطاعتهم لآبائهم وألزمهم برعايتهم والإحسان إليهم وصلتهم وفي ذلك يقول الله تعالى ( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما، وقُل لهما قولاً كريما)  الإسراء الآية 23 وهذا يعني أن مسؤولية الأسر في تنمية الصحة النفسية لأفرادها مسئولية متبادلة بين الزوجين وبين الآباء والأبناء، وفي ضوء هذه المسئوليات نستطيع أن نُقسم دورة الحياة الأسرية إلى ثلاث مراحل متداخلة مع بعضها البعض ومترابطة، ويصعب الفصل بينها، وتتمثل هذه المراحل في مرحلة الزواج وتكوين الأسرة، ومرحلة الإنجاب وتربية الأبناء، ومرحلة بر الوالدين وصلة الرحم، وهذه المراحل متداخلة ومتفاعلة ويتحدد مستوى التوافق والصحة النفسية بين أفراد الأسرة وبعضهم البعض بناءً على درجة التوافق بين الزوجين وتفاعلهما السوي والفاعل مع بعضهما البعض. ويبدأ هذا التوافق والتفاعل البناء بين الزوجين من بداية الاختيار فحسن الاختيار بين الزوجين له العامل الأكبر في الشعور بالتوافق والصحة النفسية، كما أن التفاهم بين الزوجين وحسن احتواء كل منهما للآخر، ولقد صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال( تخيروا لنُطفكم فإن العرق دساس ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، وفي ذلك دعوة صريحة من نبينا الكريم إلى حسن الاختيار، ولقد وضع رسولنا مجموعة من المعايير السوية التي يُمكن الاعتماد عليها أو بالأحرى يجب الأخذ بها عند القيام بالاختيار حتى يكون الاختيار صحيحاً، وفي ذلك يقول رسولنا الكريم r ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها، وجمالها، وحسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يدعونا إلى حسن اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والأخلاق، لأنها ستتقي الله تعالى وترعي الله في زوجها.

      ولقد شرع الله تعالى الزواج وبين أهدافه وحدد أسلوبه ونظمه بقواعد توجهه إلى اعفاف النفوس، وصيانة الأعراض، وحفظ الأنساب، واستمرار الأنسال، وبناء الأسرة التي يجد فيها الرجل والمرأة الإشباع الكريم لحاجاتهما الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية. ويقوم الزواج في شرع الله على العدل في الحقوق والواجبات، وعلى السمو في الأهداف والغايات، والسكن في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، مما يجعله مصدر تنمية للصحة الجسمية والنفسية، وحصن ووقاية من الانحرافات والأمراض.

    والمرشد الأسري يحتاج إلى إضاءات نفسية تضيء له الطريق نحو تصور معرفي عن الشخصية الإنسانية والإلمام بالمبادئ والأسس النفسية التي تقوم عليها عملية الإرشاد الأسري بأكملها.

مما يؤدي إلى فهم العملية الإرشادية الأسرية والزواجية  ونلخص ذلك في المحاور التالية:

المحور الأول : سيكولوجية الزواج والعلاقات الزوجية:

 أولاً :أهمية الزواج ودعائمه:

       الزواج الشرعي وسيلة الإنسان البالغ العاقل لبناء الأسرة التي يقضي فيها حياته، ويعمل من أجلها ويجد فيها من يرعاه، ويهتم به ويُعطي لحياته معني نفسياً، ولسعيه في الحياة قيمة إنسانية، ولوجوده في الدنيا مكانة اجتماعية، يُحرم غير المتزوجين منها، فالزواج الناجح خير متاع الدنيا. ويتفق الإسلام وعلم النفس حول أهمية الزواج، وفي الدعوة إليه والترغيب فيه، والتخويف من العزوف عنه مع القدرة عليه، وفيه تصلُح النفوس وتقوي المجتمعات وتعمر الدنيا وتستمر الحياة، ويدونه تضعف النفوس وتفسد المجتمعات وتخرب الدنيا وتتوقف عجلة ودورة الحياة، ومن هنا وصف الله تعالى عقد الزواج بالميثاق الغليظ ، فقال تعالى ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) النساء الآية 21 واعتبر رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم بأن من ترك الزواج وهو قادر عليه كان خارجاً على سنة الإسلام فقال r ( من كان موسراً لأن ينكح ولم ينكح، فليس مني ) رواه الطبراني والبيهقي، كما قال r ( الزواج من سنتي فمن رغب عن سُنتي فليس مني، تناكحوا تناسلوا فإني مُكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) رواه بن ماجه.

          والجدير بالإشارة أن رسولنا الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم أشار إلى أهمية الزواج في تنمية الصحة النفسية للزوجين، واعتبره الركيزة الثانية أو الثالثة بعد الإيمان وسلامة البدن لحفظ الصحة النفسية وتنميتها، فقال r ( أربع من أُعطيهن فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة: قلباً شاكرا، ولسانا ذاكرا، وبدناً على البلاء صابرا، وزوجاً لا تبغيه حوبا في نفسها وماله) رواه الطبراني، وقال rأيضاً،( ما استفاد  المؤمن بعد تقوي الله عز وجل خيراً من زوجة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله) رواه بن ماجة.

 ولقد أجمعت الكثير من الدراسات والنظريات الخاصة بعلماء النفس على أن السعادة الزوجية والتوافق الزواجي، هما من الدعائم الرئيسية للصحة النفسية والتوافق النفسي وأنهما أساس متاع الدنيا وأساس الأسرة الصالحة، التي تكتمل بها إنسانية الرجل والمرأة في أداء رسالتهما في الحياة، وهذا ما أكدته العديد من الدراسات التي أُجريت حول سيكولوجية العلاقات الأسرية. وهذا التوافق والشعور بالصحة النفسية المرتبط بالزواج يأتي لكون الزواج يُساهم في إشباع الكثير من الحاجات والرغبات لدي الزوجين من أهمها ما يلي:

   1-الإمتاع والإشباع الجنسي: ويأتي ذلك من خلال الإشباع للدافع الجنسي لدي الزوج والزوجة بالطريقة والكيفية التي شرعها الله تعالى، ولذا نجد أن الإشباع الجنسي بالزواج فيه الاستمتاع للزوجين والشعور بالراحة النفسية والجسدية، أما الإشباع خارج الزواج ففيه العناء والتعب والشقاء والمعاناة من الأوبئة والأمراض التي لا شفاء منها.

   2-الإمتاع النفسي: ويأتي ذلك من خلال إشباع الزوجين للحاجات النفسية والجسمية العديدة والتي من أهما الحاجة إلى الشعور بالأبوة والأمومة التي يُمكن إشباعها بالطرق الشرعية والمحددة التي رسمها الله تعالى لنا وهي النكاح والزواج، فالحاجة إلى الأمومة والأبوة هي من الحاجات الفطرية القوية عند كل من الرجل والمرأة.

   3-الشعور بالأمن والطمأنينة: وهي من الحاجات الرئيسية التي يسعى الفرد إلى إشباعها من خلال الطريق القويم وهو طريق الزواج، فمن خلال الزواج والعلاقة الزوجية التي تقوم على الحب والمودة والرحمة والتعاون والتآزر بين الزوجين في بناء الحياة، واقتسام حظوظها في بلوغ الكمال الإنساني. لأنه من خلال الزواج الشرعي ينضج تفكير كل من الرجل والمرأة، ويكتمل دينهما وخُلقهما، وتستقر نفساهما في ذلك الحصن، الذي يجدان فيه الحماية والستر والإشباع العفيف للحاجات، فقال تعالى:( هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ، وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) الأعراف الآية 189 وقال تعالى: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة، إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون ) الروم الآية 21 وقال تعالى: ( هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن ) البقرة الآية 187

   4-إعطاء الحياة قيمة ومعني: فالزواج يرفع من قيمة وأهمية ومكانة الزوجين ويدفعهما إلى الاجتهاد في العمل والبحث ويزيد من طموحاتهما في الكسب والتفوق وتجعل أدوارهما متكاملة ومتآزرة ، وغيرية حيث يعمل الزوج من أجل زوجته وأبنائه وتعمل الزوجة من أجل زوجتها وأبنائها، ويصبح نجاح أي منهما نجاح للآخر، وفشل أي منهما فشل للآخر.

   5- إنشاء الأسرة: وفيها يقضي كلا الطرفين معظم أوقاتهما وحياتهما ويمارسان ويشبعان حاجاتهما وأنشطتهما، وهي اللبنة الأساسية في المجتمع التي بصلاحها ينصلح حال المجتمع برمته وبفسادها يفسد حال المجتمع برمته أيضاً، وصلاح حال الأسرة أو عدم صلاحها مرهون بصلاح الحياة الزوجية والسعادة الزوجية المتبادلة بين الزوجين.      

 

   6-استمرار النسل وحفظه: فحفظ النسل وتربية الأجيال القادرة على حمل رسالة الحياة وبناء المجتمع وتنمية وتعمير الأرض، ويؤكد علماء النفس والصحة النفسية على أن صلاح الأجيال لا يكون إلا بصلاح الأسر التي تنشأ عن الزواج الشرعي، فالأسرة أساسها روابط الدم، ومن أهدافه الإنجاب وحفظ النوع وتربية الأطفال.

   7-حفظ الأخلاق: فالزواج له دور أساسي وفاعل في حفظ الأخلاق وحماية المجتمع من الوقوع في براثن الفساد والانحراف والجريمة وتحصين الشباب ضد الوقوع في مثل هذه الرذائل، ومن هنا فإن الزواج هو حصن المسلم من الوقوع في الفاحشة والمنكر أو ارتكاب ما حرمه الله تعالى ونهي عنه، وفي ذلك حفظ للأخلاق والقيم والمثل والمعايير الاجتماعية.   

        والجدير بالإشارة أن هناك أهداف دينية للزواج, وجاء الإسلام وأبرزها وربطها بعبادة الله والحصول على الثواب منه في الدنيا والآخرة، مما جعل عبادة الله في الزواج هدفاً يميز الزواج في الإسلام عن الزواج في أي ديانة أخري، ويعطيه قدسية في المجتمعات الإسلامية لا نجدها في المجتمعات غير الإسلامية.  

 

ثانياً: أسس اختيار الزوجة:

          هناك مجموعة من الأسس العلمية الموضوعية والنفسية والاجتماعية والدينية السليمة التي يجب أن يقوم عليها اختيار الزوجات والأزواج من أهما ما يلي:

أ‌-  الالتزام بالدين قولاً وعملاً: فالرجل والمرأة الملتزم بقيمه ومثله وعاداته وقواعده وأخلاقياته ومعاييره الدينية والمتقي لربه حق تقاته والقوي في علاقته بربه تبارك وتعالى سوف يكون كذلك مع زوجته وسوف يتقي الله تعالى فيها، فقد جاء رجلٌ إلى سيدنا الحسن بن على عليهما من الله سحائب الرحمة والمغفرة وقال له إن لي بنتاً خطبها جماعة فمن أزوجها له؟ فقال له سيدنا الحسن : "زوجها لمن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها" وقد أيدت الكثير من الدراسات التي أُجريت في نطاق علم النفس الأسري والاجتماعي أن تدين الرجل والمرأة من أهم عوامل نجاحهما في الحياة الزوجية واستقرارها الأسري، حيث تبين من نتائج هذه الدراسات أن نسبة الطلاق عند الأزواج المتدينين أقل منها عند غير المتدينين ، وأرجع علماء النفس ذلك إلى أن التدين يؤدي إلى حسن الخلق مع الأهل والأسرة، ويدفعهم إلى التمسك بالقيم والعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية والخلقية.

ب‌- المنبت الحسن: فنشأة الرجل أو المرأة في أسرة صالحة تتسم بالاستقرار الأسري مع والديه يُعد من أهم عوامل النجاح في الزواج، وقد أكدت نتائج الدراسات أن الزواج الناجح والسعيد يرتبط بنشأة الزوجين منذ طفولتهما في أسرة سعيدة ومستقرة شعُرا فيها بالأمن والطمأنينة والأمان .

ج‌-  التقارب في السن: فتحديد سن الزواج يرتبط بالعديد من العوامل الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وإجمالاً يُفضل الزواج المُبكر لمن يقدر عليه الشباب، ويتراوح السن المُناسب لزواج البنت من 16 إلى 20 سنة لغير الجامعيات، ومن 20 إلى 25 سنة للجامعيات، وبالنسبة للذكور من 20 إلى 25 لغير الجامعيين، ومن 25 إلى 30 للجامعيين.

د‌-التشابه في الثقافة والعقيدة والخلفية الاجتماعية: فيفضل عند اختيار الزوج أو الزوجة مراعاة التشابه في العقيدة والفلسفة والخلفية الثقافية والاجتماعية والحضارية لكل من الشاب أو الشابة، واحتمالات استمرار الزواج تزداد عندما يكون الزوجان من مجتمع واحد ومتشابهين في العقيدة والثقافة والمستوي الحضاري والاقتصادي والفكري.

و- نضج الشخصية والقدرة على تحمل المسؤولية: فالتوافق الزواجي يقوم على نضج الشخصية لدي الزوجين وقدرتهما على تحمل مسئولية وأعباء الحياة.

ز‌-المال والجمال والحسب: فتوفر المال والجمال والحسب والجاه في الزوجة شيء يجب توفره في الزوج أو الزوجة، فالإنسان بطبعه يعشق الجمال لأنه من الرغبات العاطفية التي ينبغي إشباعها في إطارها الصحيح، فالله جميل يُحب الجمال، لذا فإن الإسلام لم يُسقط ولم يمقُت الجمال ولكنه حث عليه وشجعه لكونه مصدراً رئيسياً من مصادر الارتواء العاطفي. 

هـ - الاغتراب في الزواج: فمن الواجب أن يختار الشاب أو الشابة زوجته أو زوجها من خارج عائلته منعاً لانتشار الأمراض الوراثية في الأسرة، فقد بينت الدراسات ارتفاع مُعدلات انتشار الأمراض والإعاقات العقلية والجسمية بسبب الموروثات والجينات الوراثية المنتقلة من الوالدين إلى الأبناء.

 

ثالـثاً: إجراءات الزواج: 

 يمر الزواج بمجموعة من المراحل من أهمها:

1- الخطبة: وتهدف الخطبة إلى الإعلان عن الرغبة في الزواج من الطرفين وتحقيق التعارف بين أهل الزوجين.

2- عقد القران: بعد أن يحدث القبول من الطرفين يتم عقد القرآن.

3- الزفاف: هو المرحلة الأخيرة من الزواج.

 

رابعـأً: التفاعل الزواجي:  

     يُقصد بالتفاعل الزواجي عملية التأثير المتبادل بين الزوجين، بحيث يكون سلوك كل منهما مترتباً على سلوك الآخر، وينقسم التفاعل إلى قسمين:

1-   تفاعل إيجابي: عندما يكون تأثير سلوكيات كل من الزوجين على الآخر طيباً ومُرضياً، يُثير فيه مشاعر الحب والمودة وأفكار التعاون والتأييد ويدفعه إلى عملٍ ما يُرضيه، لذا يُسمي التفاعل الزواجي الجالب للسرور.

2-   تفاعل سلبي: عندما يكون تأثير سلوكيات كل منهما على الآخرين سيئاً ومزعجاً يثير فيه مشاعر العداوة والنفور وأفكار الخصومة والانتقام ويدفعه إلى عمل ما يُرضيه لذا يُسمي التفاعل الزواجي الجالب للإزعاج. والجدير بالإشارة يتأثر التفاعل الزواجي بعوامل كثيرة تُحدد شكله ومساراته، ويرجع بعضها إلى الزوجين وبعضها الآخر إلى الظروف التي يعيشان فيها.

 

أ‌-                 مُحددات التفاعل الزواجي:

         والتفاعل بين الزوجين يتكون من أربع عمليات رئيسية هي: الملاحظة، والإدراك، والتقويم، والاستجابة.

 

 

 

ب‌-           تفسير التفاعل الزواجي:

      وقد اهتم علماء النفس بتفسير كيف يبدأ التفاعل ويتطور إلى تفاعل جاذب، فيه مودة ومحبة، أو تفاعل نافر، فيه عداوة ونفور، فأرجعه علماء النفس إلى الثواب والعقاب الذي يحصل عليه كل من الزوجين في التفاعل معاً، فالثواب يجعل التفاعل إيجابياً والعقاب يجعله سلبياً.

 

خامسـاً: الخصائص النفسية والاجتماعية للمتزوجين حديثاً:

1      : خصائص تتعلق بمرحلة الشباب ومنها:

أ‌-  ذروة الدافعية الجنسية: خصوصاً لدي الشباب، وهذه الشدة في الدافعية قد تدفعه إلى التسرع في اتخاذ قراراته والاندفاع نحوها، فقد يتسرع الشاب في اختيار شريكة حياته وقد يندم بعد ذلك على هذا التسرع.

ب‌- الاندفاعية والحماس: حيث يغلب على الشباب السرعة في اتخاذ القرارات والحماس في تنفيذها وهذه الخاصية تتطلب معالجتها عند تقديم الاستشارة.

جـ الاختلاف في تقدير الزمن: حيث يميل الشباب إلى تقدير الزمن بشكل اكبر وأطول من غيرهم من الفئات العمرية الأخرى .

د‌-    سرعة التكيف: وذلك مقرنةً بالفئات العمرية الأخرى وهذه خاصية إيجابية تخدم عملية الإرشاد.

2-خصائص تتعلق بالخبرة الجديدة ومنها:

أ‌-      القلق: برغم أن الزواج يقترن بالتشوق والفرح إلا أن الوضع النفسي للشاب والشابة حديثا الزواج يجمع مزيجاً من الفرح والقلق، فالشاب قلق على حياته الزوجية وعلى نجاحه فيها ورجولته أيضاً من الناحية الجنسية.

ب‌-   التصورات المسبقة: فالشاب والفتاة يدخلان مرحلة الزواج وهما يحملان مجموعة من التصورات حول شريك الحياة الزوجية وطريقة تعامل كل منهما مع الآخر، وهذه التصورات والصور الذهنية التي رسمها كل من الفتي والفتاه حول الطرف الآخر من العلاقة قد تكون متناقضة أو مختلفة في الواقع وهذا ما يترتب عنه وجود بعض المشكلات الزواجية التي يجب احتوائها والتغلب عليها.

جـ الخبرات السابقة: فهناك من الشباب المتزوجين حديثاً من كان لديهم بعض الخبرات السابقة غير الشرعية قبل الزواج وهذه الخبرات ربما يكون لها أكبر الأثر أو بالأحرى أثر سلبي على العلاقة الزوجية والتي يجب تحذير الزوجين من التمادي فيها وضرورة البعد عنها.

د‌-     التكيف مع الوسط الاجتماعي الجديد: فالتغير في العلاقات الاجتماعية الذي يواجهه الأزواج والزوجات وارتباط كل منهما بوالديه وأسرته قد يكون له أكبر الأثر أو أثر سلبي على الحياة الأسرية والعلاقات الزواجية وهذا ما يجب على المرشد التحذير منه وتوجيه الزوجين نحو إدراكه والتغلب عليه بطريقة سليمة.

 

المحور الثاني: سيكولوجية  الأدوار الاجتماعية في الزواج:

1-            الكفاءة في الأدوار الزوجية:  

   الزواج مشاركة ومسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة من أجل بناء أسرة قوية وتربية نشئ صالح وتكوين خلايا صالحة للمجتمع متعاونة على البر والتقوى والرسول صلي الله عليه وسلم يقول" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وخياركم خياركم لأهله" والتربية السليمة أن نُعلم الزوج والزوجة أن يكونا على قدر المسؤولية، وأن الحياة مسئولية وأن كل فرد في الأسرة رجل كان أو امرأة عليه مسئولية ، فالرجل راعٍ في بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولية عن رعيتها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن التربية السليمة أن نُعلم الشاب والشابة منذ الصغر كيف يُحافظ على بيته ويرعى مصالح أسرته ويقوم بمسئولياته

 

2-            الواجبات والحقوق الشرعية:

   هناك مجموعه من الواجبات الشرعية التي يجب على الزوجة القيام بها تجاه زوجها منها:

-                   طاعة زوجها فيما لا يُغضب الله.

-                   طاعة الزوج ضرورة لا محيد عنها.

-                   القناعة والرضا بما قسمه الله.

-                   البشاشة والتجمل للزوج

-                   احترام الزوج وأقاربه.

-                   ترضية الزوج عند الغضب واجب على الزوجة.

-                   الاقتصاد في تدبير أمور المنزل.

-                   العمل في منزل الزوجية والقيام بأمور الزوج ومتطلباته.

-                   الوفاء والإخلاص لزوجها.

-                   الأمانة والعفة وحفظه في غيابه.

وفيما يتعلق بحقوق الزوجة على زوجها:

-                   المودة والرحمة وحسن المعاشرة.

-                   الصبر عليها وتحملها واحتوائها.

-                   النفقة عليها وسد مطالبها واحتياجاتها.

-                   تعليمها وتهذيبها وتوجيهها.

-                   الغيرة عليها مطلوبة.

-                   حسن الظن بها.

-                   التجمل والتزين لها.

-                   إعفافها بالإشباع الجنسي.

-                   التلطف معها بالكلام الجميل.

-                   تقبل أهلها ومودتهم والإحسان إليهم متي أحسنوا إليه.

 

3-             القيادة والقوامة:

   وهذا حق تنازل عنه كثير من الرجال بمحض اختيارهم، مما سبب كثيراً من المشكلات العاصفة باستقرار عش الزوجية، وقد يظن قوم أن في تنازل الرج لعن قِوامته لزوجته إسعادٌ لها، وهذا ظنٌّ خاطئ، ذلك لأن المرأة بفطرتها تحب أن تأوي إلى ركن تلجأ إليه، حتى وإن تحدثت بعض النساء أمام صويحباتها بفخر أن زوجها يطيعها، ولا يعصى لها أمراً، مما يوحي بضعف قوامته عليها، فإنها في داخل نفسها تشعر بضعف وخلل في بنية الأسرة. وعلى العكس منها، تلك المرأة التي تظهر الشكوى من زوجها ذي الشخصية القوية، والقوامة التامة، فإنها وإن باحت بذلك، تشعر براحة توائم فطرتها، وسعادة تناسب ما جُبلت عليه، فإذا انفلت زماما الأمن في بلد ما، فإن للشعب أن يفعل ما يشاء، لكنه لا يشعر بالاستقرار النفسي، وسيلاحقه خوف مقلق، وجزع مؤرق من جراء ذلك، وقل ضد ذلك إذا ضبطت أركان الدولة، وتولى زمام الأمور رجال أقوياء، مع أنه سيضايق فريقاً من الناس، إلا أنهم سيشعرون باستقرار داخلي، وراحة وأمن وهدوء بال، ولذلك فإن تنازل الرجل عن قوامته أمر يُشقي المرأة ولا يُسعدها، ويُسبب وهناً في بناء الأسرة، وتقويضاً في أركانها، وصدق رسول الله r حيث يقول: " لن يُفلح قومٌ وَلّوْا أمرهم امرأةً "  رواه البخاري وهذا عام حتى في أمر البيت، وأرى من أجل استقرار الحياة الزوجية أن تُطالب المرأة زوجها بالقيام بقوامته على الأسرة كما تُطالبه بالنفقة إذا قصّر فيها.

 

4-            دور الأسرة في التربية والتنشئة الاجتماعية:

تعد الأسرة أولي مؤسسات التربية التي ينشأ فيها الطفل ويترعرع، فهي أول من يتلقاه بالرعاية والعناية، ولهذا فإن المجتمع يقوي ويزدهر حين تقوي الروابط بين أفراد الأسرة من الداخل وحين يقوي دورها في الرعاية والعناية والإشراف على أبنائها، ويضعف المجتمع ويضمحل حين يضعف سلطان الأسرة وحين تفقد دورها الفاعل في الإشراف والرعاية للأبناء، فمن خلال الزواج والإنجاب تتحول الأسرة إلى أهم عامل من عوامل التربية لأنها أقوي الجماعات تأثيراً في الطفل وفي السلوك بصفةٍ عامةٍ وهي العامل الأهم في صبغ سلوك الطفل بصبغة اجتماعية مقبولة وهذه العملية تعرف بالتنشئة الاجتماعية، وهي تلك العملية التي من خلالها يتحول الكائن الحي من كائنٍ بيولوجي يعتمد على الآخرين في إشباع حاجاته إلى كائن اجتماعي يسهم في بناء الحياة الاجتماعية وتطويرها، أي أنها تهتم بإعداد الإنسان للعيش في المجتمع، ولا تحدث التنشئة الاجتماعية بشكلٍ عشوائي، إنما تتم عبر مؤسساتٍ عدةٍ من أهمها الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية، غير خافٍ أن الناس يختلفون في طرائق التربية والتوجيه، وهكذا الحال مع الزوجين، فإنهما قد لا يتفقان على منهج واحد في التربية، بسبب اختلاف طبيعة الرجل عن المرأة. إلا أنه من المتفق عليه أن ثمة مجالات تختلف باختلاف سنّ الولد وطبيعته يكون رائد التربية فيها الأب، ومجالات أخرى يكون رائد التربية فيها الأم، فعلى كل من الزوجين احترام وتقدير مجال صاحبه، وعدم التعدي عليه فيه، مع التسليم بأن القِوامة للرجل، سُنّة الله التي قد حكم بين العباد، وهذا لا يعني أن يلجأ أحدهما إلى تخطئة الآخر أمام الأولاد، وتجريحه والنيل من كرامته، أو يختلف الأبوان في الأسلوب الأمثل لحل واقعة بين الأولاد بحضورهم، فإن ذلك يؤدي إلى جرح عميق في نفوسهم، يبقى أثره أبد الدهر، وأقل ما يحصل من ذلك عقوق الأولاد لأحدهما، واستهانتهم بالمهزوم منهما، ولعلكم تُدركون هذا جيداً حينما تسمعون أن امرأة لها أربعة أبناء، كل منهم يملك سيارة خاصة، إلا أنها مع ذلك تستعمل النقل الجماعي وأحياناً تستقدم سائقاً خاصّاً؛ لرفض أولادها خدمتها. ومن أسباب ذلك تصرف زوجها الذي كان يقوم بإهانتها أمام أولادها، حتى فقدت كل مقومات التأثير عليهم، فبدر منهم هذا العقوق لها، وإذا كان للزوج ملحوظة على زوجته بشأن تربية الأولاد، فلا يبدي هذه الملاحظة أمام الأولاد، ولكن إذا انفرد بها قال لها ما شاء، ومثل ذلك الزوجة من باب أَوْلى.

المحور الثالث: التوافق وعدم التوافق الزواجي:

1-             أسس تحقيق التوافق والسعادة الزوجية:

       يتسم نظام الزواج في الإسلام بالتوافق مع مقتضيات الفطرة ومصالح المجتمع، فالشريعة الإسلامية بوصفها آخر الشرائع السماوية أتمها الخالق سبحانه وتعالى وأكملها في عموم ما جاءت به من منهج الحياة عامةً، وما يتضمنه من منهج خاص للكيان الأسري، ومن أهم مقومات وأسس التوافق الأسري وتحقيق السعادة الأسرية ما يلي:  

1-     حسن الاختيار:

      فنظام الإسلام يقوم على مبدأ حرية الاختيار لكل من الطرفين، على أن وجهة النظر في الاختيار مبنية على أساس النظرة العامة لأهداف الزواج وتكوين الأسرة ووظائفها، بالإضافة إلى ما في الزواج من معانٍ أقرب إلى طاعة الله وأمور دنيوية يُثاب المرء على فعلها، ومن هذا المنطلق كانت وصية الإسلام باختيار ذات الدين والخلق مراعياً بذلك القيم المعنوية لكونها تسمو بصاحبها سمواً يجعله فوق صغائر الأمور، وهي ما تجعل كلا الزوجين أكثر عطاءً، كما أنها مقياس استمرار العلاقة الزوجية وضمان لبقاء الأسرة والله سبحانه وتعالى أمر باختيار المرأة ذات الدين والخُلق  وفضلها على غيرها، وفي ذلك يقول الله تعالى" ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة" البقرة الآية 221. والتشريع الإسلامي وضع أمام كل من الرجل والمرأة قواعد تنظيمية لاختيار الزوجة إن سلكها الإنسان كان الزواج ميسوراً وكانت الأسرة المسلمة، ولهذا أرشد رسولنا الكريم r الرجل الذي يُقدم على الزواج بأن يظفر بذات الدين، فقال رسولنا الكريم r:" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ونسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري.

2-       النظر والرؤية الشرعية:

   وقد أجاز الإسلام النظر إلى مخطوبته للحصول على الموافقة والتآلف والتوافق  بين الطرفين لأن الأرواح جنود مُجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف، وقد رُوي أن المُغيرة بن شُعبة خطب امرأة فقال النبي r :" أنظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما" رواه البخاري ومسلم، وبذلك لم يُحدد رسولنا الكريم r القدر الذي يري به الخاطب مخطوبته بل أطلق له ذلك في حدود ما يُسغيه عُرف بيئته، ويكره الإسلام أن يكون الإقدام على الزواج دون نظر كل منهما للآخر وتثبت كل منهما للآخر خشية أن تنقطع العلاقات وتتوتر وتضطرب أواصر الصلة بينهما عندما يتبين كل منهما حقيقة الآخر.     

3-       الرضا:

   فرضا المرأة شرط لإجازة النكاح وفق الصيغة المتضمنة للإيجاب والقبول ، فالإسلام يوجب استئذان المرأة قبل تزويجها ويُعتبر رضاها شرطاً لنفاذ العقد وهو مذهب أبي حنيفة النُعمان استناداً إلى قوله r : " لا تُنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن ، وقالوا يا رسول الله كيف إذنها؟ قال أن تسكت" رواه مسلم.

4-       الكفاءة:

    وهي المساواة بين الطرفين في الأمور الاجتماعية التي تُساعد على التقارب والاستقرار بين الزوجين ويُعتبر الإخلال بها مفسدا للحياة الزوجية، وهو شرط لصحة العقد وهو من الأسس الضرورية لاستمرار الحياة الزوجية، وعنصر مهم لضمان حسن العشرة والتوافق بين الزوجين لإقامة علاقة خالية من الثغرات التي قد تتسبب في وقوع مشكلات مستقبلية.

5-       الصداق:

     وقد قال الله تعالى في مُحكم تنزيله" وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيئي منه نفساً فخذوه هنيئاً مريئاً" النساء الآية 4 فالصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته ولا تثميناً لقيمة المرأة ولكنه تعبير حسي عن صدق اقتران الزوج بالزوجة وتقديراً لها ولهذا سُمي صداقاً .

6-       القوامة:

    فقد اختص الله تعالى الرجل بالقيام بما تستلزمه أمور الحياة من الشئون الخارجية المُعقدة التي تتطلب مجهوداً، وجعل المرأة للقيام بأعباء المنزل وتربية الأبناء وإدارة شؤونهم ورعايتهم، لم يمنعها من الدراسة والتفوق وتحصيل العلم بشرط عدم الإخلال بواجباتها الأساسية، وقد تعمل خارج المنزل مادامت قادرة على ذلك، وقد قال الله تعالى" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" النساء الآية 228 وقوله تعالى " الرجال قوامون على النساء " النساء الآية 34.

 

7-       حسن العشرة:

      فلقد جعل الإسلام العشرة بالمعروف فريضةً على الرجال حتى في حالة كراهيته لزوجته فإن كانت الكراهية بسبب سوء الخُلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز هذا يندب فيه الاحتمال لقوله تعالى        " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" النساء الآية 19   

4-أسباب سوء التوافق الزواجي والنتائج المترتبة عليه:

       أكدت الكثير من الدراسات أن الأسرة في أيامنا الحالية تتعرض للكثير من الأزمات والتصدعات نتيجةً لتغيرات اجتماعية وثقافية متعددة وأكدت على أن من أهم أسباب سوء التوافق الأسري ما يلي:

-       ضعف الوازع الديني.

-       تحكيم العاطفة وبناء الأسرة على علاقات عاطفية سطحية متقلبة.

-       تحكيم المصلحة المادية عند الدخول للزواج من قبل الطرفين.

-       عدم مراعاة كل من الزوج والزوجة للطرف الآخر.

-       خروج المرأة للعمل وطلب مُساواتها بالرجل.

-   الضغوط النفسية الشديدة ونفور طرف من الآخر لأسباب غير معلومة كما أن انتشار الغيرة الزائدة بين الطرفين يكون لها أكبر الأثر في سوء التوافق الزواجي.

-       تدخل الأهل والأقارب في الحياة الزوجية من قبل الزوج أو الزوجة.

-       عدم وجود احترام متبادل بين أهل الزوجين.

-       انخفاض الوعي الثقافي وتقليد وسائل الإعلام الغربية.

-       انعدام التوافق العاطفي بين الزوجين.

-       عدم القدرة على تحمل المسؤولية وتحمل أعباء الزواج.

-       عدم التكافؤ والبرود العاطفي.

-       التفاوت وعدم التكافؤ بين الزوجين.

-       ضعف ثقافة العلاقات الزوجية وانعدام الحوار بين الزوجين.

-       انحراف المزاج وسوء الأخلاق.

 

5-النتائج المترتبة على سوء التوافق الزواجي:

     أكدت الكثير من النتائج أن سوء التوافق الزواجي بين الزوجين يترتب عنه الكثير من الأضرار والمشكلات للزوجين والأسرة ككل منها ما يلي:

- تعرض الأسرة للعديد من المشكلات التي تواجهها في سياق حياتها اليومية.

- تعرض الزوجين للعديد من الاضطرابات النفسية المتمثلة في الخوف والقلق والتوتر.

- زيادة معدلات الانحراف والاضطراب والإدمان بين الزوجين.

- التفكك الأسري والاضطراب الذي يُسيطر على الحياة الأسرية.

- انتشار الأمراض النفسية والعقلية والعصبية والاجتماعية بين الزوجين.

- نقص الشعور بالانتماء الأسري والاجتماعي بسبب غياب الانتماء في الأسرة.

- انخفاض الأداء العلمي والتحصيلي للأبناء.

- انتهاء العلاقة الأسرية بالطلاق ما يترتب عليه من تفكك أسري.

- ارتفاع مُعدل الخيانة الزوجية بسبب سوء التوافق الزواجي.

- اضطراب الأبناء وتأثرهم نفسياً وأسرياً واجتماعياً وقد يترتب عنه الانحراف والاضطراب والجنوح.

 

6-سيكولوجية الطلاق والآثار النفسية والأسرية المترتبة عليه.

       المشكلات والخلافات التي تعترض الحياة الزوجية أمر واقع لا مفر منه وشيء تواجهه كل الأسر ولكن العبرة في حنكة الزوجين وفي تعاملهما مع المواقف والأزمات التي ترتبت عنها المشكلات فقد تمر هذه المشاكل والخلافات بسلام وأمان ويتم احتوائها من قبل الزوجين والسيطرة عليها، وقد يترتب عنها الكثير من الأزمات النفسية والصراعات والمشكلات العميقة والقاسية التي يترتب عنها في النهاية اللجوء إلى الطلاق والانفصال التام بين الزوجين ومثل هذا الانفصال تقل آثاره في حالة عدم وجود أبناء أما في حالة وجود الأبناء فإن الآثار تكون أشد قسوة وضراوة ويكون الأبناء هم الضحية لهذه الخلافات والتصدعات الأسرية المنتهية بالطلاق.

    وتوجد الكثير من العوامل المرتبطة بانتشار الطلاق بين الزوجين وهي ذات العوامل المرتبطة بالخلافات الزوجية، إلا أن الطلاق في واقع الأمر له الكثير من الآثار النفسية السيئة على حياة الأسرة ككل . فلا شك أن الطلاق عملية مؤلمة نفسياً  حيث يتطلب الطلاق من الزوج أو الزوجة إعادة تنظيم وتكيف مع الحياة الجديدة لكل منهما وبالتالي فقد يجد كل من الطرفين أن يواجه بعض الصعوبات للتكيف مع الوضع الجديد، وقد أُجريت الكثير من الدراسات لمعرفة آثار الطلاق على الأطفال تبين منها أن معظم الأمهات المطلقات أظهرن قلقاً واضحاً فيما يتصل بالأضرار المحتملة التي يمكن أن تقع على أطفالهن. والطلاق يترتب عنه التأثير السلبي في الوحدة الأسرية وفي استقرار الأسرة وأدائها لدورها في التنشئة والتربية الأسرية السليمة ، وتوجد العديد من الآثار النفسية المترتبة عل

 الطلاق من أهمها ما يلي:

-       الصراع العاطفي الذي يُعاني منه الأبناء بسبب حبهم للوالدين وعدم قدرتهم عن التخلي عن أي من طرفي العلاقة سواء الأب أو الأم.

-       المعاناة النفسية السيئة للأطفال بسبب إحساسهم العميق بالتهديد والخوف نتيجة لما يُصاحب الأسرة من تهديد في الكيان الاجتماعي الخاص بها.

-                   استغلال الأطفال واتخاذهما وسيلة للانتقام من أي من الوالدين.

-                   الطلاق يترك الكثير من الانطباعات السلوكية والنفسية السيئة في نفوس الأطفال.

-                   فقد الأطفال للكثير من مكانتهم وإحساسهم بالدنية والنقص والشذوذ بين أقرانهم.

-                   الطلاق قد يترتب عنه الفشل الاجتماعي والدراسي للأبناء.

-                   الطلاق قد يترتب عنه اضطراب في شخصية الأطفال ويتحولوا إلى شخصية سيكوباتية أو سوسيوباتيه.

 

7-علاج الطلاق رؤية شرعية وقائية:

    تُوجد مجموعة من الإرشادات الوقائية والعلاجية  التي تقي من الوقوع في براثن الطلاق منها ما يلي:

-  حسن اختيار شريك الحياة.

-  التوافق النفسي للمُقدم على الزواج.

-  التزام الزوجين بالقيم والمُثل الإسلامية السامية.

-  أن يتفهم المقبلين على الزواج مدي قُدسية هذا الرباط وأن الله اعتبره عروة وثقي وميثاق غليظ.

-  التوكل على الله والأخذ بالأسباب.

-  اختيار الزوجة بناءً على الدين والأخلاق والوسط الذي تعيش فيه.

-  ضرورة اهتمام الزوج بالقيام بمهامه ومسؤولياته الأسرية.

-  اهتمام الزوج وقيامه بمسؤولياته الشرعية تجاه زوجته.

-  القدرة على تحمل القوامة ودفة الأمور في المنزل.

-  أن تراعي الزوجة ظروف زوجها المادية والنفسية وتعمل على تجنب الطلبات الخاصة التي تفوق قدراته وإمكانياته.

-  أن يكون الزوج قادر على القيام بتكاليف الزواج.

-  حل الخلافات الأسرية أول بأول قبل أن تتفاقم.

-  أن يكون الزوجان قادران على حل الخلافات من خلال الحوار الهادئ المُتزن.

-  إبعاد الأبناء عن مصادر الصراعات والخلافات وعد أخذهما كبش فداء للضغط على الزوج أو الزوجة.

- تجنب إقحام الأهل في الخلافات والمشكلات التي قد تنشأ بين الزوجين لأن ذلك قد يُساهم بالتأكيد في تفاقمها بدلاً من حلها.

- إتباع المبادئ الإسلامية في معاقبة الزوجة والبعد عن العنف الأسري والبدني لما له من أضرار سيئة على الزوجة والأبناء.

-  مراعاة الله في الزوجة وأنها مسئولة من زوجها وفي عنقه إلى أن يتوفاه الله.

-  قبل الإقدام على الطلاق ينبغي استنفاذ كل سُبل الحل والإصلاح وإدراك أن أبغض الحلال عند الله الطلاق.

 

8-أسس فهم العلاقات الأسرية والعلاقات الاجتماعية لكل من الزوجين تجاه الآخر:

            تُوجد مجموعة من الأسس التي ينبغي توفرها لفهم العلاقات الأسرية والاجتماعية بين الزوجين ومنها ضرورة قيام الزوجين بإتباع ما يلي:

-                   ضرورة احترام أهل الزوج ومودتهم.

-                   استعداد الزوجة للتقبل التام لأهل الزوج.

-                   ضرورة التعامل بالأخلاق الحسنة مع الآخرين.

-                   على الرجل بذل الجهد لجعل أهله يحبون زوجته.

-                   يجب إيجاد نوع من الاحترام المتبادل بين أهل كل طرف وعدم التدخل في شؤونهم.

-                   عدم إفشاء الأسرار والمشكلات الزوجية.

-                   الصبر والطاعة وحسن العشرة.

 

المحور الرابع: مبادئ الإرشاد الأسري:

       فالإرشاد الأسري عملية علمية موضوعية يجب أن تقوم على مجموعة من المبادئ العلمية والموضوعية التي ينبغي الالتزام بها حتى تحقق هذه المبادئ الهدف المرجو منها ومن هذه المبادئ ما يلي:

1- مبدأ التقبل:  ويُقصد بهذا المبدأ أن على المرشد أن يتقبل المُسترشد كما هو لا كما ينبغي أن يكون، أي ليس بالصورة التي يجب أن يكون عليها بحيث لا تتدخل الاعتبارات الذاتية للمُرشد في الحكم على المُسترشد، كما يجب أن لا تؤثر الاعتبارات الأخرى كالجنس والسن والطبقة الاجتماعية للمرشد في علاقته بالمسترشد، فلابد أن يكون هناك نوع من التقبل المتبادل بين المرشد والمسترشد من أجل بناء علاقة إرشادية مهنية جيدة تحقق الهدف المنشود منها، فهذا المبدأ هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها عملية الإرشاد الأسري ولقد تقبل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الرجل الذي بال في المسجد كمسلم له كرامة وله حق في التعليم والتعديل.

2-  مبدأ السرية:  والمقصود بمبدأ السرية في الاستشارات الأسرية هي الصيانة المقصودة من قبل المرشد لأسرار المسترشد فلا بد من التأكيد على سرية المعلومات التي يحصل عليها المرشد عن الحالة التي أمامه وهذا مبدأ أخلاقي هام، وعند التأكيد عليه من قبل المرشد للمسترشد يُساعد على انطلاق المسترشد بالحديث عند الشعور بسرعة المعلومات التي يُدلي بها، وهذا المبدأ مُستمد من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه المشهور ( ما بال أقوام) حيث صرح بالسلوك الخاطئ ليتم تصحيحه ولم يُصرح بالأسماء حفاظاً لكرامة هؤلاء الصحابة .  

3-  مبدأ التعبير عن المشاعر: إن مفهوم التعبير عن المشاعر يرتكز على عنصري الاستشارة: الاستشارة المقصودة التي يستخدمها الاستشاري ومن ثم التوجيه والإرشاد، وهذا يختلف عن عملية التنفيس الوجداني المطلوبة أيضاً من المسترشد في عملية الإرشاد، فالتنفيس هو تفريغ للشحنات الوجدانية المكبوتة  لدى المسترشد هو ينفذها تلقائياً عندما يشعر بأن المرشد يتقبله ويتفهم مشاعره وأحاسيسه ويتجاوب معه  فالتفريغ الانفعالي والتنفيس للشحنات المكبوتة لدى العميل يعد جزءاً أساسياً من عملية الإرشاد ولابد للمرشد أن يعمل على نجاح هذا المبدأ ولهذا فإن المرشد بحاجة ماسة إلى معرفة الأساليب التي تساعد علي انطلاق المسترشد في حديثه والتعبير عن مشاعره السلبية من كراهية وعنف وعدوان وحزن وغضب لأن مثل هذا التفريغ الانفعالي بشيء من التوجيه السليم يساهم في نجاح عملية التوجيه والإرشاد الأسري.

4- مبدأ التفريد: ويقصد به الفروق الفردية، فطالبي الإرشاد الأسري يختلف بعضهم عن بعض، فمن يطلب الإرشاد النفسي والأسري يختلف عن مثيله من طالب الإرشاد فله إمكانياته وقدراته النفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية ولابد للمرشد من مراعاة هذه الفروق، وهذا بدا واضحاً من تعامل رسولنا الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم مع بعض الصحابة الذين كانوا يطلبون منه عليه الصلاة وأتم التسليم أن يوصيهم فكان عليه الصلاة والسلام يوصيهم بوصايا مُختلفة لاختلاف أحوالهم. 

5-  مبدأ المساعدة الذاتية: وهو مساعدة طالب الإرشاد وتوجيههم نحو الاعتماد علي الله وعلى أنفسهم في حل مشكلاتهم وذلك بشيء ٍمن التوجيه والتبصير البسيط من المرشد واعتماداً على قدراتهم ومهاراتهم الخاصة أيضاً، وذلك من خلال إتباع المُرشد طريقة في الإرشاد تُساعد المسترشد على الاعتماد على نفسه في اكتشاف مواطن الخلل والضعف لديه، ومن ثم السعي نحو تعديلها ، وهنا لابد من التأكيد على مبدأ هام وهو أننا نساعد على حل المشكلات والصعوبات ولا نحلها، وإننا نساعد المُسترشد ليصبح قادراً على مُساعدة نفسه في المُستقبل .

6- مبدأ التفاعل الوجداني: فعملية الاتصال بين طرفين غالباً ما تكون عملية اتصال فكري ووجداني أو ما يسمي بالتفاعل الوجداني ونوع من التفاعل والتجاوب المهني لمشاعر وعواطف المسترشد والتعاطف معه ومحاولة تقبله ومساعدته، وهذا المفهوم يحتاج إلى إرهاف الحواس لمعرفة مشاعر المسترشد ومن ثم استخدام المهارات التفسيرية لمعني هذه المشاعر والأحاسيس يليها الاستجابة لها بالطريقة المناسبة.، كما أن التوازن في التفاعل الوجداني من قبل المرشد مع المسترشد مطلوب ويحتاج إلى نوع من التمرس وامتلاك المهارات التي تُساعده على تشخيص وتفسير الموقف ومن ثم الاستجابة بالتوجيه والإرشاد المطلوب لنجاح عملية المساعدة.

7- حق اتخاذ القرار: فعدم فرض المرشد لرأيه ووجهة نظره على طالب الإرشاد يعد مبدأً من المبادئ الهامة التي يجب أن يراعيها المرشد وأن يتيح الفرصة الكاملة للمرشد في التعبير عن نفسه وأن يساعده على اتخاذ قراراته، وهذا المبدأ قبل أن يكون مبدأً في الخدمة الإرشادية الأسرية هو مبدأ إسلامي كان يستخدمه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع أصحابه والقبائل من حوله.

 

المحور الخامس:

أسس نجاح الإرشاد الأسري:

      إن ديمومة العلاقات الزوجية ونجاحها ترتبط بمدي القدرة على توفير الاتصال الحسن بين الزوجين ، فمجمل الخلافات الزوجية ترتبط بعملية سوء الاتصال بين الزوجين، كما أن المرحلة الأكثر حرجاً في حياة الزوجين هي تلك المرحلة التي يحس فيها أحد الزوجين بحاجته إلى ضرورة طلب النصح والإرشاد والتوجيه والمساعدة لكيفية تحسين علاقته بالطرف الآخر ولهذا فإن الإرشاد الأسري لكي يحقق أهدافه التي وضع من أجلها فإن هناك مجموعة من المبادئ والأسس والشروط التي يجب توافرها في المرشد النفسي والأسري الناجح ومن أهمها ما يلي:

1- القدرة على الإصغاء والاستماع الجيد لطالبي الإرشاد.

2- القدرة على توجيه طالبي الإرشاد ودفعهم نحو التحدث والتعبير عن مشكلاتهم,.

3-  القدرة على الاحتواء والتفاعل البناء مع مختلف الطبقات والثقافات.

4-  التحلي بالمرونة والقدرة على إيجاد واختيار البدائل لحل المشكلات.

5- التحلي بالضبط الذاتي والقدرة على البقاء حيادياً وعدم التدخل الزائد عن الحد في مشكلة الزوجين.

6- القدرة على فهم طبيعة وحجم وحدود المشكلات المعروضة عليه.

7- القدرة على تفهم مشاعر ورغبات وحاجات طالبي الإرشاد من الزوجين.

8- الإلمام بالقواعد والمبادئ والأسس الأخلاقية التي تحكم مهنة الأخصائي والمرشد النفسي.

9-  توافر مجموعة من السمات والصفات الشخصية مثل الحضور واليقظة والانتباه والقدرة على فهم تعبيرات وردود أفعال المسترشد.

10 - القدرة على التركيز: وخاصةً تركيز جهوده حول موضوع المشكلة والتعرف على أسبابها وحشد الجهود اللازمة لحلها والتغلب عليها.

11- القدرة على توجيه الأسئلة للمسترشد: فهناك أنواع متعددة من الأسئلة التي يمكن للمرشد توجيهها للمسترشد ومنها:

§     الأسئلة المفتوحة: والتي تساعد على الانطلاق في الحديث مثل : حدثني عن مشكلتك؟

§     الأسئلة المغلقة: وهي التي تنتهي في الغالب إجاباتها بعم أو لا.

§     الأسئلة المباشرة في الصياغة وغير المباشرة.

12- مهارة إعادة التوضيح والتصور: فالمرشد النفسي لابد وأن تكون لديه المهارة والمقدرة على إعادة تنظيم ومناقشة الأفكار الخاطئة التي يشعر بها المسترشد أو التي يُعاني منها المسترشد والتي تدور في مخيلته ومحاولة مساعدته على تعديل وعلاج مثل هذه الأفكار والاضطرابات السلبية والسيئة .

13- مهارة تقديم النصح والتعليمات: فمهارة تقديم النصائح والتعليمات التي تُعين على فهم المسترشد لمشكلاته وصعوباته وصراعاته.

14- مهارة المواجهة: ويُقصد بها قدرة ومهارة المرشد على لفت انتباه المسترشد إلى تصرفاته وسلوكياته غير المرغوب فيها أو غير السوية.

15- مهارة تزويد المسترشد بالموارد: ويقصد بها قدرة المرشد على توجيه المسترشد بالخدمات والبرامج المتاحة في المجتمع من حوله.

16- تقديم الاحترام غير المشروط: فالمرشد من الواجب عليه أن يحترم ويرتقي بنفسه ولا يسمح لغيره بإهانته أو إحراجه.

17- الصدق: فمن المهم أو الضروري أن يتحلى المرشد النفسي بالصدق مع نفسه ومع من حوله وخاصةً مع طالب الإرشاد أو من لديه مشكلة.

المحور السادس:

الخصائص النفسية للمسترشد الذي يُعاني من المشكلات:

    توجد العديد من الخصائص النفسية التي تميز شخصية المسترشد الذي يُعاني من سوء التكيف والضغوط والمشكلات ومن هذه الخصائص النفسية ما يلي:

1-  الكآبة: فقد يُعاني المسترشد من الكآبة نتيجةً لكثرة الضغوط والمشكلات التي يُعاني منها بالإضافة إلى شعوره باليأس والعجز والحزن.

2-  القلق: فالتوتر والإحساس بالخوف والشعور بالعجز وسهولة الاستثارة وسرعة النرفزة والعصبية المبالغ فيها من السمات التي تميز شخصية من يُعاني من المشكلات والضغوط وسوء التكيف وبالتالي فإنه ينتج عن مثل هذه الاضطرابات العديد من الأعراض النفسية والعضوية التي يجب أخذها في الاعتبار.

3-  المسترشد الذي يُعاني من ضغوط تظهر عليه العديد من الاضطرابات النفسية: مثل الرغبة في الهروب وعدم القدرة على تحمل المسئولية واللجوء للإدمان والتدخين والميل إلى السرقة والإتيان بالسلوكيات العدوانية والميل للانتقام.

4-  انخفاض الأداء الاجتماعي والمهني والأكاديمي: حيث يقل التركيز ويصعب عليه اتخاذ القرارات الصائبة واختلال التوازن النفسي والأكاديمي.

5-    الانسحاب الاجتماعي والعزلة والانطواء.

 

المحور السابع: الخصائص النفسية لشخصيات المسترشدين ممن لديهم ضغوط:

   حيث توجد العديد من إضطرابات وأنماط الشخصية التي تُميز المسترشدين ممن لديهم مشكلات أو طالبي الاسترشاد من أهمها:

1-الشخصية الساذجة: وتتصف بالثقة الزائدة في المحيطين والتبعية للمحيطين وهذا ما يترتب عنه تعرضها للكثير من المشكلات من أهمها الاستغلال المادي والمعنوي لهم من المحيطين  والفشل في الحياة .

2-الشخصية المرتابة: وتتصف بسوء الظن والتشكك والمبالغة في هذا التشكك والمبالغة في الحذر والحيطة والتأثر في انتقادات المحيطين وتضخيم الأمور دون داعٍ وهذا ما يترب عنه الكثير من القلق والتوتر والاضطراب النفسي بوجهٍ عام.

3-الشخصية العدوانية: وتتسم بالقسوة والعدوان والشدة مع المحيطين وغياب مشاعر العطف والحنان والود والتلذذ بممارسة العدوان والقسوة مع المحيطين حتى الأبناء.

4-الشخصية المستسلمة: وتميل إلى مسايرة المحيطين والاستسلام لهم والتسليم لهم في كافة الأوضاع والأمور وضعف القدرة على إظهار المشاعر العاطفية الداخلية وعدم القدرة على اتخاذ قرارات أو عدم الحزم فيها.

5-الشخصية المنطوية: وتميل إلى العزلة والعد عن الاختلاط أو التجمع مع المحيطين فهي ليست لديها القدرة على التفاعل مع المحيطين بطريقةٍ بناءةٍ وفاعلة كما أن هذه الشخصية ليست لديها القدرة على التواصل اللغوي مع المحيطين وتستغرق كثيراً في أحلام اليقظة.

6-الشخصية التجنبية: وتتجنب هذه الشخصية الاندماج مع المحيطين بسبب خوفها من الانتقادات وهروباً من تعرضها للإحراج والحساسية المفرطة .

7-الشخصية الهستيرية: وتميل إلى المبالغة في التعبير عن مشاعرها وعن انفعالاتها وكذلك المبالغة في إقامة علاقات اجتماعية مع المحيطين وسطحية التفكير وضحالته والأنانية وعدم الصبر أو القدرة على التحمل بالإضافة إلى حب المظاهر والمظهرية في التعامل.

8-الشخصية النرجسية: وتميل هذه الشخصية إلى الإعجاب الشديد بذاتها وقدراتها والمبالغة فيه والمبالغة في تلميع نفسه والفخر بها .

9-الشخصية غير الناضجة انفعالياً: وهي أقرب للشخصية الهستيرية فهي تنفعل انفعالاً صارخاً في المواقف البسيطة ولا يتلاءم الانفعال مع الموقف ذاته .

10-الشخصية الو سواسية: وتتسم بالإفراط في الكمال والمثالية في الأمور والدقة المفرطة والحرص الزائد عن الحد والحرص على النظافة الشخصية والصحة والتكيف والخوف من المرض وضعف التكيف والتردد والاهتمام بتفاصيل الأمور.

11-الشخصية المتقلبة: وتتسم بسرعة التقلب في الانفعال والمزاج والعاطفة والتي تتراوح ما بين السعادة والرضا إلى السخط وعدم الرضا والحزن وعدم القدرة على الصبر وكثرة الملل والتذمر والمبالغة في مشاعر البغض والحب.

12-الشخصية العدوانية والمقاومة: وتتسم بالميل للإتيان بالعناد غير المباشر  وتعمد إثارة غضب الآخرين وعدم الاقتناع بوجهة نظرهم والتحيز الشديد لرأيه ويميل للشكوى والتشاؤم.

13-الشخصية الاعتمادية: ويعتمد على المحيطين ويستمد منهم المساعدة والمساندة والعطف والرعاية ولديه ضعف واضح وعدم قدرة على تحمل المسؤولية ومتردد في اتخاذ قراراته ويساير المحيطين ويتنازل لهم عن كل سيئ.

المحور الثامن: استراتيجيات العلاج في الأزمات الأسرية الطارئة:

        توجد مجموعة من الأساليب التي يمكن استخدامها في التعامل مع الحالات الطارئة للمسترشدين منها:

1-             مساعدة المسترشدين على ضبط انفعالاتهم.

2-             تقدير شدة الخطر الذي قد يتعرض له المسترشد.

3-             مساعدة المسترشد على توضيح مشكلاته والتركيز عليها.

4-             تطوير أساليب التكيف لدي المسترشد.

5-             مساعدة المسترشد على قبول خطة العمل والالتزام بما جاء فيها.

6-             تقديم الدعم والمساعدة والمساندة للمسترشد.

7-             عرض نماذج من المشكلات الأسرية على المسترشد وكيفية حلها.

8-             تقديم الأساليب لعلاج العنف الزواجي.

 

الخطوات العملية التي تُساعد المرشد على فهم المشكلة الأسرية.

1-     تحديد المشكلة: تُعد عملية تحديد المُشكلة من أهم وأولي الخطوات التي ينبغي على المُرشد الأسري القيام بها ، فالتحديد الدقيق للمشكلة ولأبعادها يُساهم بشكل كبير في الوصول إلى تفسير دقيق للمشكلة.

2-     تقويم المشكلة: بعد انتهاء المُرشد من التحديد الدقيق للمشكلة تأتي المرحلة الثانية وهي عملية التقويم للمشكلة ولأبعادها ومن خلال هذا التقويم يتمكن المُرشد من التعرف على ما يلي:

  • الأعراض التي يُعاني منها المسترشد بمعني تحديد نوعية المشكلات الأسرية التي يُعاني منها المسترشد.
  • تحديد أسباب هذه الأعراض أو هذه المشكلات التي يُعاني منها المسترشد.
  • التخلص من الأعراض: فبعدما تمكن المُرشد من تحديد العوامل والأسباب التي أدت إلى وجود المُشكلات الأسرية فإن المُرشد بإمكانه القيام بمساعدة المُسترشد على التخلص من مشكلاته.

3-   جمع المعلومات وتفسيرها: المُرشد الذي يعمل لدي جهة تقدم خدمات الإرشاد النفسي والأسري بحاجة ماسة إلى معرفة الكثير عن شخصية المُسترشد وأسرته وبيئته وبعض الجوانب النفسية والعقلية والاجتماعية لدي المسترشد وهنا يأتي أهمية دور القياس النفسي والاجتماعي وأهمية استخدام الأدوات النفسية والمقاييس النفسية ومقاييس تقدير سمات الشخصية حتى يكون لدي المُرشد صورة واضحة وكاملة ومتكاملة عن المسترشد الذي سيقوم بإرشاده والتدخل لإزالة أسباب مُعاناته.

4-     وضع خطة لحل المشكلة التي يُعاني منها المسترشد: وفي هذه المرحلة يقوم المُرشد بوضع خطة إرشادية وبرنامج إرشادي للمسترشد يستند على نظريات الإرشاد النفسي والأسري وأن يكون هذا البرنامج أو هذه الخطة قائمة على أسس علمية ونظرية سليمة وتحتاج إلى خبرة ومهارة علمية ومهنية من المُرشد.

5-     إنهاء الاستشارة: عندما يتأكد المُرشد من أن المسترشد قد حدث له نوع من الاستبصار والفهم لحالته ولسمات شخصيته والعوامل التي أدت إلى وجود المشكلات والتصدعات والخلافات الأسرية وبعدما يكون قد رسم له الطريق والخطة التي تُمكنه من السيطرة على مصادر هذه الخلافات والمشكلات الأسرية وبعدما يُدرك طرفي العلاقة أهمية إزالتها حرصاً على مستقبل الأسرة والأبناء، يُنهي المُرشد خطة الإرشاد مع وضع بعض التوصيات والتوجيهات التي تُساهم في التخلص من المشكلات أو عدم الوقوع في براثنها مرةً ثانية بالإضافة إلى قيام المُرشد بعمل نوع من التواصل والمُتابعة والتوجيه المستمر مع طرفي الإرشاد سعياً لإيجاد نوع من الدعم والمساندة والتوجيه لطرفي العلاقة الأسرية حتى لا تحدث انتكاسة.

توصيات

أولاً: توصيات عامة: 

  1-            تُوجد مجموعة من التوصيات التي يجب للمُرشد الأسري الأخذ بها من أهمها ما يلي:

 2-    ضرورة الاهتمام بتطوير قدرات ومهارات المرشدين الأسريين النفسية والاجتماعية والإرشادية والمهنية من خلال عقد الدورات وتنظيم المحاضرات وورش العمل لهم.

  3-            الحرص على زيادة أعداد المُرشدين بما يتناسب مع حجم المشكلات التي تنظرها مؤسسات الإصلاح الأسري.

  4-            الحرص على توضيح الدور الهام الذي يقوم به المرشد في المؤسسات التي تُقدم خدمات أسرية.

 5-    يجب على المرشد فهم نفسه وشخصيته وقدراته ومهاراته أولاً قبل سعيه إلى فهم وحل مُشكلات الآخرين حتى لا يحدث نوع من الإسقاط لسمات شخصية المرشد علي العملية الإرشادية وهذا يُعطي أهمية وقيمة للدورات المهنية التي تُعقد للمرشدين

 6-    يجب علي مؤسسات التربية وهي الأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بالإضافة إلى المؤسسات الدينية في المجتمع ترسيخ المبادئ الإسلامية السامية منذ الصغر في نفوس أبنائها وتربيتهم وتنشئتهم على المبادئ والقيم الإسلامية والاجتماعية السديدة وتأصيلها في شخصياتهم منذ صغرهم.

 7-    يجب عقد دورات مهنية للأزواج والمُقبلين على الزواج وإعطائهم رُخصة حول مبادئ وفنيات إدارة الحياة الأسرية والتعامل بين الزوجين.

  8-            يجب عقد دورات للمُرشدين الأسريين في القياس النفسي وتطبيق الاختبارات النفسية والعقلية والاجتماعية.

  9-            يجب عقد دورات للآباء المُقبلين على الزواج في أساليب التربية السليمة .

10-            يجب على المجتمع العمل قدر الإمكان علي ضرورة الاهتمام بظاهرة التوافق الزواجي وكيفية تحقيقه.

11-            إجراء البحوث والدراسات حول أسباب سوء التوافق الزواجي وكيفية علاجه.

12-            إدخال مادة التربية الأسرية ضمن مقررات المرحلة الثانوية والجامعية نظراً لأهمية التثقيف الأسري.

13-    ضرورة تحلي الشاب المُقبل على الزواج بالأسس الدينية والإسلامية السامية في الاختيار وأن يكون الاختيار قائم على أساس الدين وليس المنصب أو الجاه أو الشكل.

 

ثانياً: توصيات مهنية للمُرشد الأسري:

  1-            تُوجد مجموعة من المبادئ التي يجب أن يتحلى بها المُرشد الأسري من أهمها ما يلي:

 2-    عليك أخي المُرشد أن تستحضر النية الصالحة والإخلاص لله فيما تقوم به من مُشاركة للمسلمين في حل مُشكلاتهم ، راغباً في الأجر من الله تعالى فالله إذا علم من عبده الصدق والإخلاص أعانه وفتح له من المعارف ما لا يخطر بباله وفي ذلك يقول الله تعالى:( لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمر بمعروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما) النساء آية 114

 3-    عليك أخي المُرشد أن تستلزم الدعاء والاستعانة بالله تعالى وتستفتح كل جلسة بذلك كأن تقول: ( اللهم ألهمني رُشدي وقني شر نفسي، اللهم يا مُعلم إبراهيم علمني ويا مُفهم سُليمان فهمني، اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً) 

 4-    يجب عليك الحذر من الفتوى، مع البعد عن إصدار الأحكام، فهي من اختصاصات القضاة الشرعيين ، وقد صدق رسولنا الكريم عندما قال (( أجرؤكم علي الفُتيا أجرؤكم على النار)) وكان الصحابة رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى حتى يمر السؤال على عشرة منهم كل يُرجعه للآخر حتى يرجع للآخر.

 5-    ينبغي عليك أخي المُرشد أن تفقه حقوق الزوجين بعضهما على بعض، وذلك بدراسة الموضوع من الكتب العلمية والنفسية والأسرية المتخصصة .

 6-    ينبغي عليك أخي المُرشد أن تحفظ بعض الآيات والنصوص والأحاديث التي تخدم هدفك الإرشادي وتحث في الوقت نفسه على الفضيلة والتماسك الأسري وأهمية الاجتماع والنهي عن الافتراق والترغيب في العفو والصفح، وأهمية الرفق والبعد عن الشدة والعنف وفضل الأخلاق الحسنة وخطر الانتقام والتفكك على حياة الأبناء والأسرة بأكملها.

 7-    عليك أخي المرشد أن تتعرف على هدي النبي صلي الله عليه وسلم في فن التعامل الأسري وإدارة المُشكلات الأسرية .

 8-    عليك أخي المرشد زيادة معلوماتك الإرشادين من خلال الاستزادة بالمعلومات عن الإرشاد الأسري والعلاقات الاجتماعية وأساليب تربية وتنشئة الأبناء تنشئةً سويةً. 

 9-    عليك أخي المُرشد أن تستقري المشكلات وتعمل على حصرها أكثرها وروداً وتسجل أسبابها وتضع نماذج لحلول المشاكل المتماثلة والمتشابهة.

10-    عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية الاستماع القصصي بمعني أن تُنزل نفسك مكان المُسترشد بجميع ظروفه وأحواله وتُظهر له المشاركة في مُشكلته مع الشفقة والرحمة وخفض الصوت له والتجاوب معه في كل كلمة أو فقرة بدون مُقاطعة ولا طلب اختصار.

11-    في أثناء الجلسة الإرشادية عليك أن تُسجل الأفكار الرئيسية من خلال كلام المُسترشد حتى ترى من نفسك أنك استوعبت الموضوع من جوانبه.

12-            من المُهم أثناء استماعك أن تبحث عن جذور المُشكلة وأصلها ومنشئها وإهمال الحشو والزيادة غير المُفيدة والبحث عن جذور المُشكلة.

13-    اعلم أخي المُرشد أن بعض المُرشدين يرون أن حل المُشكلات الأسرية يكون في الاجتماع وعدم الفراق بين الزوجين، بينما تكون بعض المُشكلات تكون معلقة في بقاء الزوجة في عصمة الرجل .

14-    لا تنسي أن المُرشد الناجح هو الذي يُسهل المشكلة على المُسترشد ويصغرها في نظره ويبين له أن هناك الكثير من المشكلات التي تفوق هذه المشكلات بكثير مع عدم الاستخفاف بالقضية.

15-    يجدُر بك أخي المرشد أن تُدرك أهمية سعة الصدر واستيعاب الناس وأقوالهم وقبولهم وتحمل اندفاعاتهم فإن صاحب الحاجة أعمي حتى تقضي له حاجته.

16-    مم المُفيد لك أخي المُرشد أن تحفظ قصصاً من الابتلاءات التي تعصف بالناس وتُذكر المُسترشد بما يُناسبه منها للتخفيف من وقع المُشكلة عليه.

17-    عليك عدم استعجال الإجابة من المسترشد لأن الموضوع قد يتطلب عصفاً ذهنياً مع الزملاء واستشارة أهل الخبرة.

18-    في بداية الحوار يحسُن بك أن تُذكر المُسترشد بأن عليه أن يُقارن حاله بغيره وسيجد نفسه أفضل حالاً من غيره وتذكيره بنعم الله عليه، مع بيان أن الدنيا طُبعت على كدر وتذكيره بأهمية الصبر والتحلي بالحنة والمهارة في إدارة شؤون نفسه وحياته.

19-            حاول أن تطلب من المسترشد أو المسترشدة أن يذكر إيجابيات من يشكو منه أو منها لأن ذلك قد يُساهم في عمل نوع من الاستبصار بقيمة وأهمية الطرف الذي يشكو منه وأنه ليس كله مساوئ وعليك تذكير كل طرف بحديث سولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها خُلقاً آخر) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

20-    إذا كانت المُشكلة كبيرة ومتشابكة فيحسن بك أن تحلها على مراحل وتقسمها أجزاء وتبدأ بالأسهل فالأصعب فالأصعب وإياك وقفز المراحل.

21-    عليك بأن تنصح المسترشد أو المسترشدة بالبعد عن عقدة الذنب وعدم محاصرة النفس بالمشكلات والمصائب وتُبين له أو لها أن لكل منا مُشكلة فلا يوجد فرد أو مجتمع أو أسرة تخلو من المشاكل والأزمات والمهارة هنا هي الحكمة والحنكة في التغلب على هذه الأزمات ومعالجتها ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة وكم المُشكلات التي حلت به صلى الله عليه وسلم وكيف نصره الله تعالى بشيء من الصبر والحنكة والحكمة.

22-    عليك أخي المرشد أن تُبين للمسترشد أو المُسترشدة أن الشجاعة في الاعتراف بالمشكلة وهذا يتطلب توضيحاً واقعياً وصراحةً مع النفس والآخرين.

23-    عليك أخي المرشد أن تطلب من المسترشد وصف المشكلة وصفاً دقيقاً مع عدم التمويه أو التضليل أو الكتمان فالصراحة والشفافية مطلوبة من الطرفين حتى تتحقق الفائدة من العملية الإرشادية.

24-    عليك مساعدة المسترشد أو المسترشدة بوضع المشكلة في حجمها الطبيعي وعدم تضخيمها أو التهويل منها من ناحية أو عدم التسطيح والتقليل منها من ناحيةٍ أخري.

25-    عليك مساعدة المسترشد أو المسترشدة على معرفة أسباب مشكلته القريبة والبعيدة مع إكسابه القدرة على تمييز الأسباب، فقد تشكو امرأة مثلاً من زوجها وتقول للمرشد بأنها تعبت منه ، فعليك أن تسألها من يُشاركك همومك؟ فستقول فُلانة صديقتي ، فقل لها بأن حل مشكلتك تكمن في قطع علاقتك بهذه الصديقة وجربي هذا لمدة شهر ثم انظري  في حالك هل خفت المُشكلة أم لا.

26-    ينبغي عليك أخي المُرشد أن تضع المعايير التي ستُبني الحلول بناءً عليها والحقوق والواجبات الشرعية على كل طرف.

27-    عليك إشراك كل من المسترشد أو المسترشدة في حل مُشكلته من خلال اقتراح أفضل السُبُل والحلول التي يُمكن من خلالها حل مشكلته الحالية، وعليك مُناقشته في أسباب اختيار هذه الحلول وقابليتها للتحقق من عدمه.

28-     عليك إشعار كل من المسترشد أو المسترشدة بأهمية الصبر والتأني والبعد عن التسرع والحلول السريعة مع إدراك أثر الصبر في حل المُشكلات، ففي حديث للبخاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من يتصبر يُصبره الله،وما أُعطي أحد خيراً وأوسع من الصبر) وقال سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه ( وجدنا خير عيشنا في الصبر) وهذا ما رواه البخاري تعليقاً

29-    من المُهم أن يُبعد المرشد كل من المسترشد أو المسترشدة من تعليق مشكلاته على شماعة السحر والأعمال والعين، لأن لكل مُشكلة سبب .

30-    عليك بناء الفأل الحسن وبثه في نفس كل من المسترشد أو المسترشدة وإبعادهما عن اليأس والتشاؤم والإحباط ، لأنه من السهل وقوع الناس في براثن اليأس والتشاؤم والإحباط في أيامنا الحالية لمجرد كبوةٍ بسيطةٍ.

31-    عليك أخي المرشد تذكير كل من المسترشد أو المسترشدة بفضل الطرف الآخر عليه والبحث دائماً عن الحسنات والإيجابيات في الطرف الآخر لأن هذا من شأنه أن يُرقق القلب أي قلب كل طرف وعليك بتذكيرهما دائماً بقول الله تعالى: ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) صدق الله العظيم.

32-    إذا كان المسترشد رجلاً فإن عليك أخي المرشد أن تحثه على الصبر على بعض الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( غارت أمكم)  وليكن لنا في رسول الله أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس ، فقد روي البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال( كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصفحة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة، فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كُسرت) وفي روايةٍ أخري للنسائي قال ( كلوا غارت أمكم)   وروي النسائي وأبو داوود والترمذي عن عائشة قالت : ( ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت إلي النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته فقال: إناء كإناء وطعام كطعام)

33-    عليك أخي المُرشد أن تنصح كل من المسترشد أو المسترشدة بأن لا يُبادر بحل المُشكلة وقت الغضب بل عليه التريث إلى أن تهدأ أعصابه وتهدأ نفسه.

34-    وعليك بتوضيح الأمور لكل من المسترشد أو المسترشدة بأهمية غض الطرف عن الهفوات والزلات التي تأتي من أي طرف من الأطراف.

35-    عليك أخي المرشد أن ترشد كل من المسترشد أو المسترشدة بأهمية العدل والموضوعية في تقييم الأمور الخاصة بكل طرف من الأطراف.

36-    عليك بالتحلي بالسرية والكتمان والتقبل للمسترشد أو المسترشدة والإخلاص ومراقبة الله في عملك واعلم أن مهنتك مهنة سامية لأنها تحمل وتساعد على نشر الخير والتوافق بين أفراد المجتمع، فمن فرج عن مسلمٍ كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة وكان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

37-    تحلي بحسن الإصغاء والاستماع بحرص لما يقوله المسترشد أو المسترشدة وكن قليل الكلام واجعل كلاماً مؤثراً وموجهاً لما فيه مصلحة المسترشد أو المسترشدة ولا تخرج عن نطاق الموضوع المُحدد.

38-            ركز بجدية وعناية على احتياجات المسترشد أو المسترشدة.

39-            عليك بالإطلاع الجيد  والإمام بمبادئ الإرشاد الأسري وأسسه ومناهجه.

40-            كن لطيفاً ومرحاً مع المسترشدين.

41-            كن لبقاً وتصرف بذكاء وسرعة بديهة في المواقف المُحرجة.

42-            كن ذكياً وتحلي بالمهارة وسرعة البديهة والقدرة على قراءة تعبيرات وردود أفعال المسترشد أو المُسترشدة

43-            اهتم بتكوين علاقة إرشادية جيدة قائمة على الود والاحترام المُتبادل مع المسترشدين.

44-            شجع المسترشدين على الحوار والتفاعل البناء وإبداء الآراء والأفكار مهما كانت بساطتها.

45-            كن متواضعاً ولا تدعي العلم.

46-            كن مُبدعاً وابحث عن جذور المُشكلة وحاول علاجها.

47-    تمتع بالقدرة على القيادة والاحتواء وتكون إدارة العملية الإرشادية في يدك أنت ولا تتركها في يد المسترشدين حتى لا تفقد قيمتها.

48-            عليك بالتأكد من مادتك العلمية وحداثتها وكن مواكباً للعصر وباحثاً عن الجديد.

 

المراجع

 

-                   بُثينة السيد العراقي( 2000 ) أسرار في حياة المُطلقات، دار طويق للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية

-                   سناء محمد سليمان( 2005) التوافق الزواجي، عالم الكتب القاهرة.

-                   صلاح عبد الغني محمد ( 1996) الزواج والحياة الزوجية، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة.

-                   عبد الفتاح أحمد الخطيب( 2004) الحياة الزوجية في القرآن، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.

-                   عبد الرحمن العيسوي( 2006) علم النفس الأسري، دار النهضة العربية ، بيروت لبنان.

-                   عبد الرحمن العيسوي  ( 2005) سيكولوجية التنشئة الاجتماعية ، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر.

-                   كمال إبراهيم مرسي(  1995  ) العلاقات الزوجية والصحة النفسية في الإسلام وعلم النفس، دار القلم ، الكويت.

-                   محمد بن سالم القرني( 2008) تصميم برنامج علاجي معرفي سلوكي لتخفيف مستوي الكدر الزوجي، منشورات عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المملكة العربية السعودية.

-                   محمد بن مسفر القرني وآخرون( 1424) دليل الإرشاد الأسري الهاتفي، مشروع بن باز الخيري، الرياض، المملكة العربية السعودية.


آخر تحديث
5/2/2011 9:51:37 PM